عدّتي عند كربتي
روي أن الحسن البصري دخل على الحجاج ، بواسط ، فرأى بناءه فقـال : " الحمد لله ، إن هؤلاء الملوك ليرون في أنفسهم عبراً ، يعمد أحدهم إلى قصره فيشيده ، وفرس يتخذه ، وقد حفّ به ذباب طمع وفراش نار، ثم يقول : ألا فانظروا ما صنعت . فقد رأينا يا عدو الله ما صنعت ، فماذا يا أفسق الفاسقين ، أما أهل السماء فمقتوك ، وأما أهل الأرض فلعنوك " ، ثم خرج وهو يقول : " إنما أخذ الله الميثاق على العلماء ليبيننه للناس ولا يكتمونه " .
فتغيّظ الحجاج عليه غيظاً شديداً ، وقال : " يا أهل الشام ، هذا عبيد أهل البصرة ، يدخل عليّ فيشتمني في وجهي ، فلا يكون له مغير ولا نكير ، والله لأقتلنّه " .
فمضى أهل الشام إلى الحسن ، فحملوه إلى الحجاج ، وعرف الحسن ما قاله ، فكان طول طريقه يحرك شفتيه .
فلما دخل وجد السيف والنطع بين يدي الحجاج وهو متغيّظ ، فلما رآه الحجاج كلمه بكلام غليظ ، فرفق به الحسن ووعظه ، فأمر الحجاج بالسيف والنطع فرفعا.
ولم يزل الحسن يمر في كلامه حتى دعا الحجاج بالطعام فأكلا ، وبالوضوء فتوضآ ، وبالغالية - نوع جيد من الطيب - فغلفه بيده ، وصرفه مكرماً .
فقيل للحسن : بمَ كنت تحرك شفتيك ؟ قال : قلت : " يا غيااثي عند عودتي ، ويا عدّتي عند كربتي ، ويا صاحبي في شدتي ، ويا وليي في نعمتي ، ويا إلهي وإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ، ويعقوب والأسباط وموسى وعيسى ، ويا رب النبيين كلهم أجمعين ، ويا رب كهيعص ، وطه ويس ، ويارب القرآن الكريم ، صل على محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وارزقني مودة عبدك الحجاج وخيره ومعروفه ، واصرف عني أذاه وشره ومكروهه ومعرته " .
قال صالح بن مسمار : فما دعونا بها في شدة إلا فرج الله عنا .
الفرج بعد الشدة ، للقاضي التنوخي، ص43
روي أن الحسن البصري دخل على الحجاج ، بواسط ، فرأى بناءه فقـال : " الحمد لله ، إن هؤلاء الملوك ليرون في أنفسهم عبراً ، يعمد أحدهم إلى قصره فيشيده ، وفرس يتخذه ، وقد حفّ به ذباب طمع وفراش نار، ثم يقول : ألا فانظروا ما صنعت . فقد رأينا يا عدو الله ما صنعت ، فماذا يا أفسق الفاسقين ، أما أهل السماء فمقتوك ، وأما أهل الأرض فلعنوك " ، ثم خرج وهو يقول : " إنما أخذ الله الميثاق على العلماء ليبيننه للناس ولا يكتمونه " .
فتغيّظ الحجاج عليه غيظاً شديداً ، وقال : " يا أهل الشام ، هذا عبيد أهل البصرة ، يدخل عليّ فيشتمني في وجهي ، فلا يكون له مغير ولا نكير ، والله لأقتلنّه " .
فمضى أهل الشام إلى الحسن ، فحملوه إلى الحجاج ، وعرف الحسن ما قاله ، فكان طول طريقه يحرك شفتيه .
فلما دخل وجد السيف والنطع بين يدي الحجاج وهو متغيّظ ، فلما رآه الحجاج كلمه بكلام غليظ ، فرفق به الحسن ووعظه ، فأمر الحجاج بالسيف والنطع فرفعا.
ولم يزل الحسن يمر في كلامه حتى دعا الحجاج بالطعام فأكلا ، وبالوضوء فتوضآ ، وبالغالية - نوع جيد من الطيب - فغلفه بيده ، وصرفه مكرماً .
فقيل للحسن : بمَ كنت تحرك شفتيك ؟ قال : قلت : " يا غيااثي عند عودتي ، ويا عدّتي عند كربتي ، ويا صاحبي في شدتي ، ويا وليي في نعمتي ، ويا إلهي وإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ، ويعقوب والأسباط وموسى وعيسى ، ويا رب النبيين كلهم أجمعين ، ويا رب كهيعص ، وطه ويس ، ويارب القرآن الكريم ، صل على محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وارزقني مودة عبدك الحجاج وخيره ومعروفه ، واصرف عني أذاه وشره ومكروهه ومعرته " .
قال صالح بن مسمار : فما دعونا بها في شدة إلا فرج الله عنا .
الفرج بعد الشدة ، للقاضي التنوخي، ص43