حياتي في صمت
حياة الانسان بمراحلها- الطفولة والصبا والشيخوخة, و بحُلْوِهَا ومرِّها , بصحتها ومرضها- كأنها ساعة من الزمن أو كالوقت بين الأذان و الإقامة بل هي أقصر من ذلك عند الله عز وجل يقدرها المولى عز وجل لكل إنسان ويؤهله لذلك وعليه أن يرضى بما قسم الله له وأنا رضيت بما قسمه الله لي وسعدت به .
فأنا يا إخواني شابٌ نشأت وترعرعت في أسرة ليست كباقي الأسر... بسيطة ومحدودة الدخل معظم أفرادها صم بكم بما فيهم الوالدان الكريمان وأنا أول طفل ولد في هذه الاسرة يسمع ويتكلم فإخوتي الثلاثة الذين يكبرونني صم وبكم أيضا وصعب عليَّ الاتصال بالعالم الخارجي لأنني لم أجد من يعلمني النطق أو الكلام!
فأصبحت أعيش في عالَمٍ صامتٍ وصعب عليَّ طلب أقل احتياجاتي مثل الطعام أو الشراب لأني وبكل بساطة لا أعرف تسمية الأشياء بمسمياتها و حرمت من أجمل حق تمتع به الأطفال في سني من مناداة بابا ماما لأنهم لا يسمعونني أناديهم فقط بالاشارة أي بحركة اليد وقضيت مرحلة طفولتي أتخبط بين عالمين لم أكن أنتمِ لأيٍّ منهما عالمٍ يسوده الصمتُ وآخر متكلم لم أتعلم أساسيات لغته وفي وسط هذه الظروف القاسية والصامتة سمعت صوتاً دافئًا حنوناً يطرق أذنيَّ! إنها جدتي! جاءت للعيش معنا لأن الوالدَ هو الوحيد الأصم بين أولادِها وعائلتِها وأمي كذلك كانت الصماءَ الوحيدةَ في عائلتها...
بدأت أتعلم نطق الكلمات من جدتي ثم من الشارع مع أطفال الجيران .
أصبح سني سبع سنوات وحان دخولي إلي المدرسة وفي هذه المرحلة أصبحت أجيد نوعا ما لغة الإشارة التي تعلمتها من أبي وإخوتي وأصبح التعامل مع العائلة أمرا عاديا أما المدرسة والأصدقاء أجد صعوبة في فهم بعض الكلمات حتى البسيطة منها وأحاول فهمها وفي كثير من الأحيان أتفاجئ بضحك واستغراب من هم حولي عند استفساري عن بعض الكلمات حتى من المعلمة... ولكن سرعان ما يزول هذا الاستغراب عند ما أشرح لهم ظروفي العائلية.
وفي السنة العاشرة من عمري أصبحت أجيد لغة الإشارة حتى أني كنت أساعد أبي وأقوم بترجمة كلامه في التعامل مع المجتمع في السوق مثلا أو في ألأمور الإدارية وغيرها كالأصدقاء والجيران وجدت نفسي همزة وصل بين عائلتي والمجتمع فهذه الأسرة كانت تعيش في عزلة تامة عن المجتمع الخارجي وما يحدث فيه فهمُّها هو توفير لقمة العيش لا أكثر!
الآن عدد أفراد العائلة أصبح ثمانية أيْ هناك أربعة إخوة يصغرونني فيهم اثنان سليمان يتكلمان, أخ وأخت وصارت هناك اتصالات كلامية معهما وأصبحت العائلة تتكون من عشرة أفراد أي الوالد والوالدة أربعة إخوة وأربع أخوات.
صرت أترجم ما يجري في الشارع و الأخبار من المذياع والتلفاز وكذلك أشرح و أترجم الحوارات في الأفلام أو المسلسلات فأصبحت الأذن التي يسمعون بها واللسان الذي يتكلمون به.
تدرجت في السلم الدراسي سنة بعد أخرى وبتوفيق من الله تعالى وصلت إلى الطور الثانوي وفي هذه المرحلة تعديت المحيط العائلي حيث اخترت كعضو مترجم في جمعية الصم بولايتي أترجم كل انشغالاتهم ومشاكلهم إلى السلطات المعنية وأترجم خطابات المسئولين عند المناسبات الخاصة بالصم كاليوم العالمي للصم أو اليوم الوطني للمعاقين وكذلك أترجم مقابلات أعضاء الصم مع السلطات المحلية .
بعد ما تحصلت على شهادة البكالوريا توجهت إلى الجامعة وفي هذه المرحلة ابتعدت لأول مرة عن العائلة وأصدقائي الصم وترك هذا البعد أثراً كبيراً في نفسي ..وفي أنفسهم أكثر مني!
بدأت الدراسة الجامعية (اختصاص إعلام ألي) بولاية أخرى بينما كنت متواجداً في الإقامة
الجامعية حصلت لي بعض المواقف الظريفة أذكر منها أن جميع زملائي وحتى الأساتذة في الجامعة كانوا يوجهون إليَّ سؤالاً واحداً يتكرر كثيراً وهو لماذا حين تتكلم تحرك يديك كثيرًا وبشكل ملفت للانتباه ؟فكنت أجيبهم بأنَّ ذلك من كثرة احتكاكي بفئة الصم .
بفضل معرفتي للغة الإشارة سهل عليَّ الاندماج مع الصم في كل مكان حيث أصبح لي الكثير من الأصدقاء في كل ولايات الوطن تقريبًا أساعدهم وألبي طلباتهم خاصة في الاتصال مع الآخرين وأترجم لهم ما يريدونه في العديد من المجالات مثل قضاياهم في المحكمة أو عند الطبيب أو البحث عن العمل .
إنتهت مرحلة الدراسة ورجعت إلى حضن العائلة الدافيئ وبدأت أبحث عن العمل لمساعدة أخي الأكبر الأصم الذي كان يحمل عبء العائلة ومع أختي الكبيرة التي كانت تشتغل خيَّاطة مع العلم أن والدي عاجز عن العمل .
تزوجتْ أختايَ كلتاهما من رجلين أصمين إتسعت رقعة الصم إلى النسب ولكن من ناحية أولادهم فهم عاديون أما أخي الأكبر فلديه و لدان أصمََََََََّان.
تحصلت على العمل في مجال تخصصي بدخل متوسط وفي هذه المرحلة أصبحت أنشط أكثر مع جمعيات الصمِّ وخاصة في مجال الترجمة و في نفس الوقت كنت عضوًا نشطاً في فوج كشفي للكشافة الاسلامية الجزائرية ومع الكشافة تعلمت الكثير وخاصة خدمة المجتمع وأتذكر أنه في رحلة في مخيم صيفي إلى الجمهورية التونسية الشقيقة التقيتُ ببعض الصم التونسيين فوجد سهولة في التعامل معهم أي لا يوجد اختلاف كبير في لغة الاشارة بيننا وبينهم ومن ذلك الوقت عرفت أن لغة الاشارة ليست لغة محلية ولا وطنية بل هي لغة عالمية وبإمكان الأصم في أي مكان التواصل مع أي أصم في العالم فعدت من المخيم الكشفي وفي ضميري قرار أن أكرس نفسي لخدمة الصم فأصبحت أفكر في مشروع يخدم هذه الفئة فأخذت أهتم بمشاكلهم وانشغالاتهم وبينما أنا محتك بهم وجدت أن الكثير من الصم تنقصهم الثقافة الدينية فمثلا كنتُ مرة أحادث أحد الصم من أصدقائي إكتشفت أنه لا يعرف ما الاغتسال للصلاة وهو شاب بالغ ومنهم متزوجون يجهلون مثل هذه البديهيات الدينية. وأحدهم حدثني بأنَّه لا يعرف قضية المحارم في العائلة أي أن معظم فئة الصم تجهل الحدود الشرعية وتتشوق لمعرفة القرآن الكريم وهنا قرَّرْت أن يكون مشروعي ترجمة الأحاديث النبوية الشريفة بلغة الاشارة عبر (في. سي. ديVCD) أو عبر التلفاز وحاولت الاتصال ببعض الشخصيات في القنوات التلفزيونية وراسلتهم حول فكرتي ومشروعي ولكن دون جدوى ومع انشغالي بعملي الذي كان يأخذ معظم وقتي فأنا إداريٌّ بشركة في القطاع الخاص وكذلك متكفل بعائلتيَّ: الكبيرة والصغيرة فأنا متزوج وأب لطفل و مع ذلك لم أفقد الأمل فرحت أشرح للعائلة أساسيات الدين وأحكي لهم السيرة النبوية ...وكذلك في الجمعيات والمناسبات الخاصة بالصم وأخذت أبحث عن مادة تساعدني في الترجمة لشرح المواضيع الدينية فمعلوماتي محدودة وأحرص ألاَّ أنقل معلومات أو أحكاماً خاطئة لذا تجولت في صفحات الانترنت وأتصلت بكل من يهمه الأمر من الأصدقاء والأشقاء العرب وراسلت الكثير من المنظمات المهمة لذوي الاحتياجات الخاصة واتصلتُ بعض القنوات الهادفة لفتح مساحة لديهم ولو صغيرة من أجل إفادت هذه الشريحة في دينهم الذي هو شريان الحياة بالنسبة للمسلم سواء الأصم و المتكلم .
وأخيرا وليس آخرا وبعد جهد وسعي عوض الله عز وجل سعيي بكل الخير وبدأ بعض الإخوان الذين يهمهم الأمر بمراسلتي وحتى من لم يهمهم الأمر وبعض العلماء يشجعونني ويدعون لي بالنجاح والتوفيق وكانت فرحتي لاتوصف عندما إتصل بي أخ من الاردن الصديقة والشقيقة وبشرني بترجمة بعض أمور الدين و القرآن الكريم إلى لغة الاشاراة
وطالما تحصلت على نسخة من مشاهد ترجمة بعض سور القرآن الكريم اتصلت بأصدقائي الصم والعائلة وعرضت لهم المشاهد المسجلة فإنبهروا وفرحوا كثيرًا بمعرفة آيات القرآن الكريم المترجم وكم كانتْ فرحتهم أكبر عندما علموا أن هناك أناساً مهتمين بهم ويحاولون مساعدتهم ليندمجوا ويتأقلموا مع هذا العالم الذي طالما عاشوا - وربما مات بعضهم- على هامشه لا يدرون عنه شيئًا ولا يسمع لهم أحد ذكرًا .
وأخيرا أتمنى من الله العزيز الحكيم أن يوفقني في هذا المسعى أن يصوب خطايَ وأن يخلِّص عملي من النفاق والرياء وأن يوفقني لفعل الخير وخدمة الناس في كل مكان إنه الموفق لكل برٍّ وخيرٍ.
أخوكم الطيب .حسني
مـــ نــــ قــــ ول
حياة الانسان بمراحلها- الطفولة والصبا والشيخوخة, و بحُلْوِهَا ومرِّها , بصحتها ومرضها- كأنها ساعة من الزمن أو كالوقت بين الأذان و الإقامة بل هي أقصر من ذلك عند الله عز وجل يقدرها المولى عز وجل لكل إنسان ويؤهله لذلك وعليه أن يرضى بما قسم الله له وأنا رضيت بما قسمه الله لي وسعدت به .
فأنا يا إخواني شابٌ نشأت وترعرعت في أسرة ليست كباقي الأسر... بسيطة ومحدودة الدخل معظم أفرادها صم بكم بما فيهم الوالدان الكريمان وأنا أول طفل ولد في هذه الاسرة يسمع ويتكلم فإخوتي الثلاثة الذين يكبرونني صم وبكم أيضا وصعب عليَّ الاتصال بالعالم الخارجي لأنني لم أجد من يعلمني النطق أو الكلام!
فأصبحت أعيش في عالَمٍ صامتٍ وصعب عليَّ طلب أقل احتياجاتي مثل الطعام أو الشراب لأني وبكل بساطة لا أعرف تسمية الأشياء بمسمياتها و حرمت من أجمل حق تمتع به الأطفال في سني من مناداة بابا ماما لأنهم لا يسمعونني أناديهم فقط بالاشارة أي بحركة اليد وقضيت مرحلة طفولتي أتخبط بين عالمين لم أكن أنتمِ لأيٍّ منهما عالمٍ يسوده الصمتُ وآخر متكلم لم أتعلم أساسيات لغته وفي وسط هذه الظروف القاسية والصامتة سمعت صوتاً دافئًا حنوناً يطرق أذنيَّ! إنها جدتي! جاءت للعيش معنا لأن الوالدَ هو الوحيد الأصم بين أولادِها وعائلتِها وأمي كذلك كانت الصماءَ الوحيدةَ في عائلتها...
بدأت أتعلم نطق الكلمات من جدتي ثم من الشارع مع أطفال الجيران .
أصبح سني سبع سنوات وحان دخولي إلي المدرسة وفي هذه المرحلة أصبحت أجيد نوعا ما لغة الإشارة التي تعلمتها من أبي وإخوتي وأصبح التعامل مع العائلة أمرا عاديا أما المدرسة والأصدقاء أجد صعوبة في فهم بعض الكلمات حتى البسيطة منها وأحاول فهمها وفي كثير من الأحيان أتفاجئ بضحك واستغراب من هم حولي عند استفساري عن بعض الكلمات حتى من المعلمة... ولكن سرعان ما يزول هذا الاستغراب عند ما أشرح لهم ظروفي العائلية.
وفي السنة العاشرة من عمري أصبحت أجيد لغة الإشارة حتى أني كنت أساعد أبي وأقوم بترجمة كلامه في التعامل مع المجتمع في السوق مثلا أو في ألأمور الإدارية وغيرها كالأصدقاء والجيران وجدت نفسي همزة وصل بين عائلتي والمجتمع فهذه الأسرة كانت تعيش في عزلة تامة عن المجتمع الخارجي وما يحدث فيه فهمُّها هو توفير لقمة العيش لا أكثر!
الآن عدد أفراد العائلة أصبح ثمانية أيْ هناك أربعة إخوة يصغرونني فيهم اثنان سليمان يتكلمان, أخ وأخت وصارت هناك اتصالات كلامية معهما وأصبحت العائلة تتكون من عشرة أفراد أي الوالد والوالدة أربعة إخوة وأربع أخوات.
صرت أترجم ما يجري في الشارع و الأخبار من المذياع والتلفاز وكذلك أشرح و أترجم الحوارات في الأفلام أو المسلسلات فأصبحت الأذن التي يسمعون بها واللسان الذي يتكلمون به.
تدرجت في السلم الدراسي سنة بعد أخرى وبتوفيق من الله تعالى وصلت إلى الطور الثانوي وفي هذه المرحلة تعديت المحيط العائلي حيث اخترت كعضو مترجم في جمعية الصم بولايتي أترجم كل انشغالاتهم ومشاكلهم إلى السلطات المعنية وأترجم خطابات المسئولين عند المناسبات الخاصة بالصم كاليوم العالمي للصم أو اليوم الوطني للمعاقين وكذلك أترجم مقابلات أعضاء الصم مع السلطات المحلية .
بعد ما تحصلت على شهادة البكالوريا توجهت إلى الجامعة وفي هذه المرحلة ابتعدت لأول مرة عن العائلة وأصدقائي الصم وترك هذا البعد أثراً كبيراً في نفسي ..وفي أنفسهم أكثر مني!
بدأت الدراسة الجامعية (اختصاص إعلام ألي) بولاية أخرى بينما كنت متواجداً في الإقامة
الجامعية حصلت لي بعض المواقف الظريفة أذكر منها أن جميع زملائي وحتى الأساتذة في الجامعة كانوا يوجهون إليَّ سؤالاً واحداً يتكرر كثيراً وهو لماذا حين تتكلم تحرك يديك كثيرًا وبشكل ملفت للانتباه ؟فكنت أجيبهم بأنَّ ذلك من كثرة احتكاكي بفئة الصم .
بفضل معرفتي للغة الإشارة سهل عليَّ الاندماج مع الصم في كل مكان حيث أصبح لي الكثير من الأصدقاء في كل ولايات الوطن تقريبًا أساعدهم وألبي طلباتهم خاصة في الاتصال مع الآخرين وأترجم لهم ما يريدونه في العديد من المجالات مثل قضاياهم في المحكمة أو عند الطبيب أو البحث عن العمل .
إنتهت مرحلة الدراسة ورجعت إلى حضن العائلة الدافيئ وبدأت أبحث عن العمل لمساعدة أخي الأكبر الأصم الذي كان يحمل عبء العائلة ومع أختي الكبيرة التي كانت تشتغل خيَّاطة مع العلم أن والدي عاجز عن العمل .
تزوجتْ أختايَ كلتاهما من رجلين أصمين إتسعت رقعة الصم إلى النسب ولكن من ناحية أولادهم فهم عاديون أما أخي الأكبر فلديه و لدان أصمََََََََّان.
تحصلت على العمل في مجال تخصصي بدخل متوسط وفي هذه المرحلة أصبحت أنشط أكثر مع جمعيات الصمِّ وخاصة في مجال الترجمة و في نفس الوقت كنت عضوًا نشطاً في فوج كشفي للكشافة الاسلامية الجزائرية ومع الكشافة تعلمت الكثير وخاصة خدمة المجتمع وأتذكر أنه في رحلة في مخيم صيفي إلى الجمهورية التونسية الشقيقة التقيتُ ببعض الصم التونسيين فوجد سهولة في التعامل معهم أي لا يوجد اختلاف كبير في لغة الاشارة بيننا وبينهم ومن ذلك الوقت عرفت أن لغة الاشارة ليست لغة محلية ولا وطنية بل هي لغة عالمية وبإمكان الأصم في أي مكان التواصل مع أي أصم في العالم فعدت من المخيم الكشفي وفي ضميري قرار أن أكرس نفسي لخدمة الصم فأصبحت أفكر في مشروع يخدم هذه الفئة فأخذت أهتم بمشاكلهم وانشغالاتهم وبينما أنا محتك بهم وجدت أن الكثير من الصم تنقصهم الثقافة الدينية فمثلا كنتُ مرة أحادث أحد الصم من أصدقائي إكتشفت أنه لا يعرف ما الاغتسال للصلاة وهو شاب بالغ ومنهم متزوجون يجهلون مثل هذه البديهيات الدينية. وأحدهم حدثني بأنَّه لا يعرف قضية المحارم في العائلة أي أن معظم فئة الصم تجهل الحدود الشرعية وتتشوق لمعرفة القرآن الكريم وهنا قرَّرْت أن يكون مشروعي ترجمة الأحاديث النبوية الشريفة بلغة الاشارة عبر (في. سي. ديVCD) أو عبر التلفاز وحاولت الاتصال ببعض الشخصيات في القنوات التلفزيونية وراسلتهم حول فكرتي ومشروعي ولكن دون جدوى ومع انشغالي بعملي الذي كان يأخذ معظم وقتي فأنا إداريٌّ بشركة في القطاع الخاص وكذلك متكفل بعائلتيَّ: الكبيرة والصغيرة فأنا متزوج وأب لطفل و مع ذلك لم أفقد الأمل فرحت أشرح للعائلة أساسيات الدين وأحكي لهم السيرة النبوية ...وكذلك في الجمعيات والمناسبات الخاصة بالصم وأخذت أبحث عن مادة تساعدني في الترجمة لشرح المواضيع الدينية فمعلوماتي محدودة وأحرص ألاَّ أنقل معلومات أو أحكاماً خاطئة لذا تجولت في صفحات الانترنت وأتصلت بكل من يهمه الأمر من الأصدقاء والأشقاء العرب وراسلت الكثير من المنظمات المهمة لذوي الاحتياجات الخاصة واتصلتُ بعض القنوات الهادفة لفتح مساحة لديهم ولو صغيرة من أجل إفادت هذه الشريحة في دينهم الذي هو شريان الحياة بالنسبة للمسلم سواء الأصم و المتكلم .
وأخيرا وليس آخرا وبعد جهد وسعي عوض الله عز وجل سعيي بكل الخير وبدأ بعض الإخوان الذين يهمهم الأمر بمراسلتي وحتى من لم يهمهم الأمر وبعض العلماء يشجعونني ويدعون لي بالنجاح والتوفيق وكانت فرحتي لاتوصف عندما إتصل بي أخ من الاردن الصديقة والشقيقة وبشرني بترجمة بعض أمور الدين و القرآن الكريم إلى لغة الاشاراة
وطالما تحصلت على نسخة من مشاهد ترجمة بعض سور القرآن الكريم اتصلت بأصدقائي الصم والعائلة وعرضت لهم المشاهد المسجلة فإنبهروا وفرحوا كثيرًا بمعرفة آيات القرآن الكريم المترجم وكم كانتْ فرحتهم أكبر عندما علموا أن هناك أناساً مهتمين بهم ويحاولون مساعدتهم ليندمجوا ويتأقلموا مع هذا العالم الذي طالما عاشوا - وربما مات بعضهم- على هامشه لا يدرون عنه شيئًا ولا يسمع لهم أحد ذكرًا .
وأخيرا أتمنى من الله العزيز الحكيم أن يوفقني في هذا المسعى أن يصوب خطايَ وأن يخلِّص عملي من النفاق والرياء وأن يوفقني لفعل الخير وخدمة الناس في كل مكان إنه الموفق لكل برٍّ وخيرٍ.
أخوكم الطيب .حسني
مـــ نــــ قــــ ول