قتصر فن التصوير أول الأمر على رسوم زخرفية منها مناظر آدمية وحيوانية رسمت بالألوان على جدران بعض قصور الخلفاء والأمراء مثلما يرى في إطلال قصور قصير عمرو والطوبة وسامراء ونيسابور والحمام الفاطمي بالفسطاط غير أن التصوير في الفنون الإسلامية اكتشف مجاله الحقيقي في تصوير المخطوطات منذ القرن الثالث الهجري – التاسع الميلادي – ومن اقدم المخطوطات المصورة مخطوطة في علم الطب محفوظة بدار الكتب المصرية بالقاهرة وأخرى لكتاب مقامات الحريري ومحفوظة بالمكتبة الأهلية في باريس وهما مزدانتان بالرسوم والصور وتمت كتابتها وتصويرها في بغداد سنة 619 – 1222- وقد لقيت رواجا كبيرا كذلك في ذلك القرن المخطوطات المصورة في بغداد لكتاب – كليلة ودمنة - .
غير أن إيران هي التي تولت قيادة فن التصوير الإسلامي كانت بدايته فيها في العصر السلجوقي ونهض نهضة كبيرة في عصر المغول في أواخر القرن السابع حتى منتصف القرن الثامن – الثالث عشر والرابع عشر الميلادي – وكان أشهر المخطوطات المصورة هي جامع التواريخ الذي ألفه الوزير رشيد الدين في أوائل القرن السابع الهجري وبخاصة الشاهنامة والتي نظمها الفردوسي قبل ذلك بثلاثة قرون والتي أودعتها تاريخ ملوك فارس وأساطير إيران .
وكن الأسلوب الفني في صور هذه المخطوطات المغولية متأثرا إلى حد كبير بالأسلوب الصيني سواء من حيث واقعية المناظر أو استطالة رسوم الأجسام أو اقتضاب الألوان .
وأخذ فن التصوير الإيراني الأصيل يستقر ويزدهر وينال شهرة عالمية في العصر التيموري وبخاصة في القرن التاسع الهجري – الخامس عشر الميلادي - وقد ظهرت في ذلك العصر نخبة من كبار الفنانين الذين اختصوا بتصوير المخطوطات مثل خليل وأمير شاهي وأكثرهم شهرة الفنان بهزاد التي تعد أعماله من أعظم تحف التصوير الإيراني روعة وإبداعا ، وقد تبقت منها مجموعات هامة منها مخطوطة للمنظومات الخمس المحفوظة بالمتحف البريطاني وأخرى لكتاب البستان بدار الكتب المصرية ولا يقل العصر الصفوي في القرن التالي أهمية عن العصر التيموري وظهر فيه عدد من كبار المصورين كانوا من تلامذة بهزاد مثل الشيخ راده وخواجه عبدالعزيز وأفاميرك وسلطان محمد ومير نقاش وترك بهزاد وتلامذته هؤلاء صورا رائعة في مخطوطات تزهي المتاحف العالية بالاحتفاظ بها وبخاصة مخطوطات المنظومات الخمس للشاعر نظامي والبستان وجلستان للشاعر سعدي بالإضافة إلى مخطوطات الشاهنامة وكليلة ودمنة .
وأول ما يمتاز به التصوير الإيراني أنه يصوغ منتظره في مجموعات زخرفية كاملة تبدو الأشكال فيها كأنها عناصر تنبت من وحدة زخرفية وتتجمع حولها أو تمتد وتتفرع ولم يمنع هذا الاتجاه الزخرفي من حرص المصورين على ملاحظة الطبيعة ومحاولاتهم محاكاتها والتعبير في أعمالهم من مظاهر الجمال والحركة فيها كانت ملاحظة الطبيعة ومحاولاتهم محاكاتها والتعبير في أعمالهم من مظاهر الجمال والحركة فيها كانت الطبيعة هي التي تأخذ بمشاعر المصور بسمائها ونجومها وأقمارها وبما تحتويه من جبال وأودية أخرى وأشجار وأزهار وبما أنتجته من رجال ونساء وأطفال وطيور وحيوان . هذا من جهة ومن جهة أخرى كانت العلاقة قوية بين الشعر والتصوير وكان التصوير نوعا من الموسيقى والمصور أشبه بالملحن لكتاب الشاعر ، يضع الشعر المكتوب في أشكال محسوسة ويطبع التفكير والخيال بنوع من الحقيقة والحركات المنوعة
ويعتبر التصوير الإيراني في ألوانه عن هذه الروح الموسيقية وتلك الحساسية الشاعرية فإن الألوان تمتزج في صوره امتزاجا عجيبا بين الزهاء والهدوء وتنسجم انسجام الألحان في المقطوعة الموسيقية بحيث تختلف الألوان في الصورة الواحدة وتتعدد كما تختلف فيها درجات اللون الواحد التي تنبثق من صفاء السماء وتنعكس من أشعة الشمس الذهبية الصافية وهكذا عبر التصوير الإيراني الشاعرية والعاطفة وحاول إن يسجل ما في الطبيعة من حقائق جذابة وما في القلوب من الخيال من نغمات دفينة أخاذة