تأثير ظاهرة غسيل الأموال على مصادر تمويل اقتصاديات البلدان النامية .
المقدمة : تشكل الأموال عصب الاقتصاد الوطني ، وعماد الحياة المعاصرة ، ويعتبر سلامته عامل أساسي في استقرار الحياة السياسية والاجتماعية ، حيث أصبح هاجس الربح سائدا بغض النظر عن مصدره أو مشروعية أنشطته .مما أدى إلى وجود إجراءات تسعى لتغيير صفة هذه الأموال ، لتظهر كما لو نشأت أصلا من مصدر مشروع ،وهو ما يعرف ب" غسيل الأموال" أو تبييض الأموال .
ومن هنا تبرز لنا أهمية هذه الظاهرة ومدى تأثيراتها على تمويل اقتصاديات الدول النامية .فمن خلال هذه الورقة نحاول تسليط الضوء على جملة من المفاهيم على النحو التالي :
1- مفهوم التمويل ومصادره.
2- ماهية غسيل الأموال .
3- ميكانزمات عملية غسيل الأموال .
4- تأثير ظاهرة غسيل الأموال على الاقتصاد الوطني.
5- طرق مكافحة غسيل الأموال .
1-مفهوم التمويل ومصادره:
إن تكوين رأس المال يشكل الحجر الزاوية لكل سياسة اقتصادية لأن عملية استخدام الفائض الاقتصادي بطريقة عقلانية، تساعد على خلق رؤوس أموال جديدة وزيادة التراكمات في الاقتصاد الوطني. نميز نوعان من المصادر لتمويل رأس المال هما: التمويل الذاتي والتمويل الخارجي.
I- التمويل الذاتي: عبارة عن المبالغ المالية التي تخلقها المؤسسة أثناء قيامها بالعملية الإنتاجية، يلعب دورا بارزا على مستوى المؤسسة وتطوير الاقتصاد الوطني برمته ويتجلى ذلك فيما يلي:
- يعتبر تمويل داخلي متاح للاستثمارات للمحافظة على رأس المال.
- ضمان لتسديد الديون فهو عنصر أساسي لإمكانية استدانة المؤسسة والاقتصاد الوطني برمته.
- ايجابيات التمويل الذاتي: إن هذا المصدر من التمويل له دور ايجابي على المستويين الكلي والجزئي.
1- على المستوى الجزئي (المؤسسة الاقتصادية): يسمح التمويل الذاتي بما يلي:
- الحصول على القروض بمبالغ كبيرة.
- يسمح للمؤسسة للدخول إلى السوق المالية (شراء أسهم في شركات أخرى) وخلق مصادر أساسية للتنمية.
- أخذ جميع الاحتياطات.
- تعديل جميع التدفقات والصعوبات التي تعترض وتحدث أثناء دورة الاستغلال.
2- على المستوى الكلي (الاقتصاد الوطني):
- يسمح بحركة رؤوس الأموال وتوسيعها انطلاقا من معدلات مرتفعة للادخار.
- إحداث تغيرات كبيرة في شروط توزيع الدخل الوطني بين المتعاملين الاقتصاديين إذ يلعب دورا هاما في الشركات الصناعية فمثلا يغطي من 10 % إلى 80 % من تكوين رأس المال في اقتصاديات الدول الغربية.
II- القروض: إذا لم تكن المصادر الذاتية غير كافية، فإن الدولة تلجأ إلى مصادر أخرى (إرادات غير عادية) وتعتبر هذه الظاهرة ميزة جميع الدول بعد الحرب العالمية الأولى فهي وسيلة استثنائية للحصول على الأموال اللازمة لتكوين رأس المال.
مفهوم القرض: مورد مالي تحصل عليه الدولة من الجمهور أو البنوك أو غيرها من المؤسسات المالية تتعاهد برد المبلغ مع الفوائد وفقا لشروط متفق عليها.
أنواع القروض: تتعدد صور وأشكال القروض ويمكن أن ننظر إليها من عدة زوايا:
أ) من حيث فترة السداد: وتنقسم إلى ثلاث أقسام:
1- قروض قصيرة المدى: لا تتعدى فترة سدادها سنة واحدة.
2- قروض متوسطة المدى: تنحصر فترة سدادها بين 2 - 7 سنوات
3- قروض طويلة المدى: تكون فترة تسديدها من 7 سنوات إلى 100 سنة.
ب) من حيث استعمالها: تنقسم إلى قسمين:
1- قروض استهلاكية: توجه لتغطية الاستهلاك من المواد الغذائية وغيرها.
2- قروض استثمارية: توجه لتكوين رأس المال وخلق استثمارات جديدة.
ج) من حيث مصدر الحصول عليها: تنقسم إلى قسمين:
1- قرض داخلي: تحصل عليه الدولة من الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الموجودين على إقليمها بغض النظر عن جنسيتهم، ولا تزيد من مجموع القوة الشرائية في الدولة لأن كمية النقد تبقى ثابتة وكلما يتم هو تحويل قوة شرائية من جهة إلى جهة أخرى.
2- قرض خارجي: تحصل عليه الدولة من حكومة أجنبية أو من شخص طبيعي مقيم بالخارج تلجأ إلى هذا النوع في حالة عدم كفاية المدخرات الوطنية وحاجتها إلى العملات الأجنبية وذلك لتغطية عجز في الميزانية أو لدعم عملتها وقد زادت القروض الخارجية في السنوات الأخيرة وذلك لتنمي هذه الدول دخلها وترفع مستوى معيشة سكانها إذ هذا النوع يؤدي إلى رفع القدرة الشرائية عن طريق إضافة كمية نقد جديدة إلى الكتلة المتداولة ويلاحظ أن سلطة الدولة في حالة الاقتراض الخارجي أقل منها في حالة الاقتراض الداخلي.
الآثار الإقتصادية للقروض:
-الآثار السلبية:
1- بالنسبة للقروض الداخلية: لا تمثل الزيادة الحقيقية في القدرة الشرائية داخل البلاد لأن كمية النقود لا تتغير.
2- بالنسبة للقروض الخارجية:
أ) تمثل زيادة حقيقية في كمية النقود، وفي حالة سدادها تشكل عبئا على الاقتصاد الوطني خاصة إذا استعملت كقروض استهلاكية.
ب) في حالة سداد القروض تؤدي إلى تقلص الإنفاق العام.
ج) يؤثر مباشرة على الاستهلاك والادخار بالنقصان.
د) تلجأ الدولة إلى إصدار النقود لسداد القروض وبالتالي حدوث التضخم.
هـ) فقدان الثقة بين الحكومة والمقترضين في حالة عجز في السداد.
و) تعرض الدولة إلى الاستعمار أو الوصاية أو فرض شروط اقتصادية (إعادة الجدولة).
- الآثار الإيجابية:
أ) القروض الاستثمارية تؤدي ثمارها إلى الأجيال القادمة.
ب) في حالة الحروب فإن القروض تغطي مصاريف الحرب.
ج) في حالة الكوارث والزلزال فإن القروض هي المنقذ الوحيد لسـد الخطر.
د) في الدولة الرأسمالية تعتبر القروض وسيلة إستراتيجية لمعالجة آثار الدورة الاقتصادية (الكساد والتضخم) هـ) القروض الأجنبية ضرورية لتمويل الاستثمارات وخاصة عند الدول التي تعاني من ندرة رأس المال.