تهتمّ العلوم الإنسانية – الفلسفة وعلم اللاهوت والأدب والتأريخ - بتسجيل إنجازات الإنسان القيّمة وما يعتبر ذو قيمة في المجالات المختلفة من الحياة الإنسانية. إنّ قاعدة كلّ القيم النسبية للحياة هو المطلق، الذي هو المصدر ونهاية كلّ شيء. لذلك ومن دون المعرفة الصحيحة للمطلق، سيبقى التقدّم في حقل العلوم الإنسانية ناقصاً.
يجب أن يمتدّ مجال العلوم الإنسانية إلى خلف نطاق المنهج الحالي كي يتضمن الاختبار المباشرة للمطلق. يبدو أنه ضرورياً تقديم دراسة المطلق كجزء من دراسة العلوم الإنسانية.
تهدف الفلسفة إلى دراسة المطلق، لكن الحقيقة تبقى من دون الاختبار المباشر لطبيعة المطلق، فتبقى خارج إطار التصور في حقول المنطق والتمييز. إنه الوقت المناسب الآن الذي يتم فيه تقديم ممارسة التأمل التجاوزي مع دراسة العلوم الإنسانية والعلوم المرتبطة بها، لكي يكسب الإنسان خبرة المطلق مع المعرفة النسبية. هكذا، قد يتم تغطية المجال الأكمل للعلوم الإنسانية.
من دون التأمل، لن يختبر العقل الحقول الدقيقة للوجود النسبي، ولن يعرف طبيعة المطلق، وبذلك لن تكون دراسة العلوم الإنسانية كاملة. إن العلوم الإنسانية كما تعلّم اليوم لا تساعد الشخص أن يملك الإيمان الراسخ في الحياة وغاياتها الأعلى. وهكذا فهي تضعف الإنسان بجعله يشعر، بما أن كل شيء هو نسبي، بأنّ الأمر لا يستحق الكفاح من أجله، بدلا من أن تنشّطه في بحثه للفهم الكامل لموضوعه من الدراسة.
ستكون دراسة العلوم الإنسانية كاملة فقط بممارسة التأمل التجاوزي. هذا النظام يمكنه تلبية تلك الحاجة الملحّة وهكذا يوسّع مجال العلوم الإنسانية إلى ما بعد حدّها الحالي، ويجعل من الممكن تحقيق غايتها