حب البنات للبنات!!!
لي صديقة اعشقها واحبها واحترت معها جدًّا جدًّا، تغار جدًّا علي، وأنا كذلك..
في بداية علاقتي معها كانت دائمًا تتشاجر مع صديقاتي؛ لأنها تغار منهن، حتى أصبحت ملكها وحدها، والآن بدأت تكون لها علاقات جديدة مع البنات في مجال الدراسة، ولا تحترم غيرتي عليها، ودائما أتشاجر معها..
أنا لا أستطيع أن أتركها، ولا أرتاح في الوقت نفسه لقربها، ودائمًا أصبر نفسي، وأقول بأنها سوف تحترم مشاعري، ولكن للأسف؛ فالأمور تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، ماذا أفعل؟
الجواب
الأخت الحائرة ، عندما قرأت مشكلتك استغرقت زمنًا كبيرًا في التفكير ، رغم أنك لست أول فتاة ترسل لنا مشكلة بهذا النوع، وأرجو أن تسمحي لي أن أوضح بعض الأمور، أو النقاط المهمة، قبل الدخول في موضوعك.
أختي العزيزة، لو ألقينا الضوء على الفتيات أو الشباب في مرحلة المراهقة، فإن الحب لديهم يكون عاطفة متدفقة بلا حدود ولا وعي، قد تجعلهم لا يفرقون بين الطبيعي، والشاذ أو غير الطبيعي من الميول والمشاعر، وإذا قمنا بتصنيف هذه العاطفة معًا سنجد:
1- إما أن تكون الفتاة مثلاً في هذه المرحلة لديها ميل إلى الجنس الآخر، وهذا ميل طبيعي، ولنا إجابات عديدة في هذا الصدد، وكيفية التعامل مع هذا الميل...
2- أو أن الفتاة لا تميل إلى الجنس الآخر، وتميل إلى الجنس نفسه، وقد تدفق عليها بعاطفة جياشة بلا حدود، وتخرق حدود الصداقة، وتدخل في إطار الميول المثلية أو الحب المرضي، الذي يكون ظاهرا أمام الآخرين كصداقة حميمة بين فتاتين، أو شابين....
إن من العلامات على انحراف الصداقة عن مسارها أن تدخل مساحة الاستحواذ المرضي، وأحيانًا تتلازم مع تدمير العلاقات الطبيعية الأخرى في حياة العاشقة والمعشوقة، وتنحسم المسألة في تأكيد الخطر والضرر حين يغيب الميل الفطري للجنس الآخر، ويقتصر الميل على الجنس المماثل عامة، أو على شخص محدد من هذا الجنس المماثل ، وربما وجود الميول المثلية، يرجع لكثير من الأمور قد يكون تربية خاطئة في مجتمع، أو كبت أي ميول طبيعية للجنس الآخر، أو عوامل أخرى.
أرجو أن تضعي هذه النقاط المهمة في الاعتبار، أنت وجميع من في مرحلتك العمرية ، التي يمكن أن توضح أمورًا كثيرة، قد تكون غائبة عند الشباب.
أختي العزيزة، أقول لك:
أرجو ألا تفهمي من رسالتي أنني أتهمك أنك ذات ميول مثلية، فإن هذا يحتاج إلى فحص وتدقيق وتشخيص، ولكنني ألفت نظرك لتنتبهي، وخاصة أن رسالتك مليئة بالتناقضات التي قد تعكس عدم فهمك لمعنى الصداقة أو الحب بين الأصدقاء، فمثلا تقولين في رسالتك: لا أستطيع تركها/ لست مرتاحة في قربها/ تغار عليَّ/ لا تحترم غيرتي عليها.
فهذه العبارات قد تعكس صورة عن حب غير طبيعي، كما أن الصداقة الطبيعة ليست امتلاك أشخاص، كما تقولين في رسالتك "أصبحت ملكها وحدها".
فيجب يا أختي، التمييز بين الطبيعي في الجنس الواحد، وبين الحب المرضي، أو الميل المثلي غير الطبيعي، الذي حدثتك عنه في المقدمة.
أختي الغالية، مشكلتك جعلتني أتذكر تجربة شخصية مررت بها وأنا في الجامعة، قد يكون فيها شيء يشبه مشكلتك:
تعرفت على زميلة، أصبحت من صديقاتي، لكنني بدأت ألاحظ أنها لا تهتم في حياتها إلا بي فقط، فكل يوم تريد مني أن أخبرها أين سأذهب، وماذا فعلت، وتغار من بعض صديقاتي، وتفضلني على والدتها ووالدها وأخوتها، فانزعجت جدًا، وتعجبت من حال الفتاة.
وبدأت أفكر ماذا أفعل لأوصل لها رسالة بأنني ينبغي أن أكون جزءاً من حياتها واهتماماتها، وأن الحياة ليست أنا فقط، وليست الصداقة فحسب، وأن العالم ليس مجرد شخص - مهما كان - يستحوذ على التفكير والسلوك، فكنت أُظهر انزعاجي عندما ألاحظ أنها لا تهتم ولا تفكر إلا بي، وأنصحها أن يكون لها اهتمامات كثيرة، وأن الصداقة الطيبة تجلب تعاونًا ونصيحة، وخبرات ثرية، واهتمامات مشتركة، ولا ينبغي أن تكون مدخلاً لتعاسة من نحب أو التضييق عليهم!
كنت أريد أن أوصل لها هذه المعاني، بأي طريقة، وبدأت أبعدها عني تدريجيًا، وعندما تريد أن تقابلني أحتج أحيانًا بأني مشغولة، وهذا ليس لأني أكرهها، ولكن لأنني أحبها وأريد أن تشغل ذهنها وتفكيرها بشئون الحياة الهامة جميعًا، وتتعرف على أصدقاء واهتمامات مختلفة.
وكنت من فترة لفترة أتحدث معها بصراحة، وكانت تنفر من حديثي، وتظن أني أكرهها، وتحاول أن تشعرني بأني قاسية، وليس لدي أي مشاعر، ولم أهتم بذلك، وبدأت أشغلها بأمور هامة، مثل: العمل في جمعية خيرية، أو حضور ندوات ثقافية، وكنت أخبرها بهذه الأنشطة بطريقة مباشرة مني، أو بطريقة غير مباشرة عن طريق أخريات، وبدأت تنفتح حياتها على صداقات أخرى، واهتمامات أخرى، وكنت أدعو الله دائمًا أن يفهمها معنى الصداقة أو الحب في الله الذي يفهمه البعض فهمًا خاطئًا.
وبالتدريج، ومع مرور الوقت، بدأت تصل لها الرسالة التي أريد أن أرسلها لها، وجاءت يومًا تقول لي: كنت دائمًا عندما تتحدثين معي بصراحة أنفر من حديثك، ولكنني فهمت الآن ما تريدين أن توصليه لي، فالصداقة والحب في الله ليس كما كنت أفهم، إنها علاقة أرقى من ذلك، وأسمي من أن تضيق وتنحصر في صديقة واحدة أو اهتمام واحد.
وبدأت تمارس حياتها الطبيعية، وهي سعيدة بأنها اكتشفت ذلك بالتجربة، وهي الآن صديقتي، ولكن أنا أشغل جزءاً من حيز اهتماماتها فقط، وليس كل حياتها، كما كنت سابقا، ولها اهتمامات أخرى، وصداقات أخرى.
وختامًا، أرجو أن تكوني قد فهمت ما أريد توصيله لك يا أختي؛ فالحياة يا أختي الغالية الحياة مليئة بالاهتمام بالأنشطة النافعة والممتعة والأصدقاء والتجارب، وكلما كبرت اكتشفت ذلك؛ فلا تحصري فكرك أو عقلك في صديقة واحدة، أو في نشاط واحد هو الصداقة، بل حاولي أن تفكري في طموحاتك في المستقبل.
أما مجرد التفكير في صديقتك وغيرتها، فلن يجلب لك إلا ثمارًا عقيمة لا معنى لها ولا فكرة وراءها، وستكون الصدمة حين تتغير ظروف الحياة بكما فتفترقان، كما يحدث للناس عندما تتشعب بهم دروب الحياة.
فحاولي أن توسعي دائرة معارفك وأصدقائك، وستعرفين صدق ما أقول عندما تخرجين من قفص صديقتك.
واعلمي أن الحياة على قدر ما تبحثين فيها، وتحاولين توسيع دائرتك في الحركة، على قدر ما تعطيك خبرات وتجارب وتوسع دائرة تفكيرك، وتجعل لك منظومة كبيرة من المعاني الجميلة، والتفكير العميق. وعلى قدر ما تضيقين بها على نفسك من صديقة واحدة أو اهتمام واحد، فلن تجلب لك إلا خبرة قليلة، وربما تحمل لك تعاسة كبيرة في المستقبل ..